إن الفكر الثقافي يواجه تحديا صعبا على الصعيدين المحلي والإقليمي والعالمي ،وهو تحت رزأة الضغط السياسي ،فهو بصريح العبارة يواجه حساسية مفرطة في تناول التنوع الثقافي وخصوصا من أصحاب الفكر الديني الذين يرون هذا التنوع تعارضا مع عالمية الإسلام القادر على أن يحتوي هذه الروافد الثقافية وهذا التنوع ليصب في التيار الثقافي الرئيسي.
هناك محاولات خجولة مثل تجربة المغرب والجزائر وتعاملهما مع الأمازيغية وثقافة البربر،وكذا تجربة لبنان الرائدة في هذا المجال بإنفتاحها على كل الثقافات والمذاهب ،فعوض أن تنفتح المؤسسة الدينية على كل الطوائف وجميع الثقافات تراها تنغلق على نفسها وتنكفئ بل أكثر من ذلك فهي تنساق وراء اللعبة السياسية القذرة ،وكذلك المفكرون بدورهم مقصرين في هذا المجال فبدل ان ينهلوا من تنوع ثقافاتنا والإنفتاح أكثر عليها وإبراز المخزون الثقافي العظيم الذي تحتويه تراهم مكبلين بخطوط حمراء لا توجد سوى في مخيلتهم ،فنحن بحاجة ماسة لفكر يطلقنا من أسرنا ويخرجنا من المتاريس العالية، متجاوزا العادات والأعراف، والسلطة الدينية والسطوة الثقافية، التي سلبتنا الإرادة القوية والقدرة على التحليل والتعبير وتقرير المصير، وصادرت الحريات الثقافية والفكرية .
إننا مطالبون كأفراد وجماعات في التفكير في أنماط الخطاب دات فعالية وتأثير بعيدين عن اللغة الخشبية ،وتسطيح العقل العربي وإستغباءه .
لقد بدأت تتغير الذهنية المنتجة للثقافة وبما ان الثقافة عنصررئيسي من عناصر الهوية ،فإن أفرغت من فحواها نفرغ من هويتنا وكينونتنا ،فثقافتنا وما تتخلله من أساطير وخرافات لم يظن المجتمع يوما أنها قابلة للنقاش ولا للطعن،هدا من جهة ومن جهة اخرى فتغييب الحقائق وتهميش الموروث الثقافي الغني وجعله فلكلورا ليس إلا "نتغنى به في المناسبات فقط لا غير "أفقده قيمته وفعاليته في المشروع المجتمعي وولد إحساسا عميقا بالغبن والإحتقار وبالتالي تضررت الهوية ومست كينونتنا وغدت المصلحة الخاصة فوق الإعتبار ويعلو الحساب الشخصي ،المذهبي والطائفي على التقدير الوطني .
ولكم مساحة حرة لنلتقي ونرتقي بالنقاش